مدونة . الكاتب : عدنان أبو شومر . يتم التشغيل بواسطة Blogger.


 مميز



غزة ما زالت تئن ........بقلم : عدنان أبو شومر

.


بدأت قصتي تتحدث عن نفسها وحكايتي تستعد بأن تبوح عن خفايا ما يستتر من الرواية وراء ستائر الظلمة

يبوح طفلي المتبقية أشلاؤه عن الصورة ويحدث بلون الدم عن المشهد القاني وهناك على مشارف المدرسة تروي طفلتي حكايتها المتبقية بعد أن توزعت أشلاؤها على المكان ولم يتم التعرف عليها الا من أسورة لبستها قبيل الرحيل....!!!

وبين أنقاض المكان تراءت لي بعد الملامح ... اقتربت منها ... فاذا هي من مشاهد قد عرفتها منذ لحظة قريبة ... أدركت بأن هذه الملامح هي ملامح حبيبتي الغالية التي تركتها قبيل اللحظة الأخيرة وكانت تروي لي مشهد صديقتها وزميلة دراستها التي فارقت الحياة على مشهد قريب ... تركتها والدموع تملأ عينيها  بعد أن غمرتني دموعها فلم تترك زاوية من زوايا العين الا وانتسخت لها صورة تمسحها بالدموع لتظل الصورة واضحة ماثلة أمام عيني

وبين زوايا المكان وجدتها .... تئن بحشرجة الفاقد للوعي تنتظر من ورائي الى كل الزوايا تفتش عني نفتش عن الباقين

وكأنها تعاتب رحيلي المفاجئ عن المكان ... ربتت على كتفيها وهي مازالت تائهة نظرت الي وانفجرت بالدموع

الحياة تنتهي بين لحظة وانتباهها ... ولكن الرحيل لم يكن متوقعا بهذه البشاعة وبهذا القتل الهمجي

الحكايات بين الأزقة والشوارع وعلى الأرصفة كثيرة والروايات المفتوحة على مصارع المفارق وعند بوابات المدارس وعلى أعتاب المستشفيات ترسم لوحاتها بلون قان نسجته الطائرات بعناقيدها القاتلة

الأماكن كلها تلونت بريشة الطائرات التي احتلت السماء وجعلته مسرحا جديدا يرسم بين الفينة والأخرى لوحات قاتلة

نظرت الى بوابة المدرسة القريبة بعد أن لملمت بقايا محبوبتي السمراء ثم واريتها الثرى الى جوار صديقتها مي ....  لم يفترقا في الحياة فآثرت أن لا يفترقا بعد الموت

تخيلت المنظر ما قبل الواقعة الأليمة ....وتذكرت سنوات خلت  استحضرت  فيها من الذاكرة مشاهد من العام 1967م وكيف بدأ الزحف الهمجي على أطراف المدينة الفاضلة بعد أن غادرت الجيوش العربية التائهة بيتها المرابط على أطراف مساحات الحدود المترامية والممتدة على طول الشريط من شمالنا الى جنوبنا وتذكرت رائحة الشواء البشري الذي ظلت الأنف تعيش لحظاته الطويلة وتذكرت مشاهد الجنود الهاربين من الشمال الى الجنوب وهم يلقون بأسلحتهم وبثيابهم العسكرية لاستبدالها بأخرى مدنية ... تذكرت واقعنا العربي المجبول بعجينة  الجبن والخيانة على مدار نصف قرن ... وربطتها بأحداث اليوم التي تؤرخ لحقبة جديدة من العفن السياسي المتمثل في تنصل الأمة من قضيتها المركزية
فالمشاهد مازالت تمر من أمامي وأنا أنظر الى والدي حين قبلني قبلة ما قبل الفرار مودعا ومعلنا عن مكان بعض الدراهم المخبأة في مكان  داخل المنزل قائلا إذا التقينا من جديد ....!!
ثم ولى هاربا كغيره من الرجال..!

سامحوني لم أكن على قدر كبير من الوعي لأن المشاهد القريبة كانت قد أرخت لخيانة عربية شاملة تمثلت أولا في اللهجة العربية البعيدة عن الصدق المخاطبة للعواطف والمتمثلة في تأجيج العواطف في الوقت الذي يعمل عدونا بصمت وبمنهجية يسلب يقتل ويعتقل ومازال خطابنا التاريخي موجها فقط الى العقول الصغيرة التي تجردت من المسؤولية وظلت تعبث بالأوراق المفتوحة على البوابات المغلقة ... أقصد اكتفت بخربشات على الجدران بكلمات غير مفهومة

وكأننا على موعد مع قصة علي بابا والأربعين حرامي

انتهت مراسم الدفن .... نظرت الى أسراب الواقفين عند بوابة المقبرة لأجد أن هناك قوافل جديدة من الشهداء القادمين تنتظر مساحة جديدة من أرض المقبرة لتحتلها .....!!!!

=============================

ليست هناك تعليقات:

=====================================================================================================

=============================================================================================================================================



جميع الجقوق محفوظة ل مدونة أ.عدنان أبو شومر :