مدونة . الكاتب : عدنان أبو شومر . يتم التشغيل بواسطة Blogger.


 مميز



الحلقة الرابعة والخامسة من الرواية " ألم الفراق " .... بقلم : عدنان أبو شومر

.

 
 

 الحلقة الرابعة والخامسة من الرواية " ألم الفراق " .... بقلم : عدنان أبو شومر

          القصة من نسج الخيال والشخوص من نسج الخيال
          أ ما الفكرة فهي مستمدة من الواقع

     =============================


    أيام في المعتقل :

نقلوني كما يبدو بعربة مغلقة ومصفحة من الميناء رقم (2) صباحا ..
وصلت المعتقل الأول بعد ساعة تقريبا..
عندها أنزلوني من السيارة بالركل باللكمات والضربات ...وبكل احتقار
وقادوني معصوب العينين ..مكبل اليدين إلى داخل المعتقل .. حاولت أن أسترق السمع لعلي أستمع إلى شخص ما يتحدث بلكنتنا , ولكني لم أجد أحدا.. الجميع يتحدث بلكنة عبرية.. اقتادوني بكل عنجهية, وصلف, وجبروت .... دفعني أحدهم بقوة على كرسي قديم , تحسسته بمؤخرتي , فعرفت من ذلك أنني أجلس على كرسي من الخشب المهشم... تدفع ظهري مسندة علوية إلى الأمام بشكل مقوس.. وكأنه يركلني من الظهر.. ويزيد من إنحاء ظهري الذي قوسته الليالي..!!
أدركت أيضا أن الكرسي مصمم ضمن منظومة التحقيق , ليعمل على استفزازي وكأنه يساندهم في التعذيب .. في محاولة منه لانتزاع اعترافاتي.
تركوني ساعات طويلة , كنت أتلقى فيها بين اللحظة والأخرى الركلات واللكمات والضربات في نواحي متعددة من جسدي ..
وبعد أن انحنى ظهري واتخذ شكل حرف (C ) باللغة الانجليزية ..
تلقيت لكمة قوية بين الكتفين ... أفقدتني القدرة على الكلام فظننت أنني أنتظر خروج روحي من المكان..
تلقيت على إثرها مزيدا من اللكمات , هذا بالإضافة إلى سيل من الشتائم بلغتهم القذرة.. تمنيت وقتها لو أنني حر أملك زمام نفسي .. فأقوم إلى أحد القرود انقض عليه أخلص منه سلاحه.. ثم أقتله , وأقتل من كان منهم في مرمى هدفي ... ولكنها القيود والسلاسل
كظمت غيظي وألمي...
..
اقتادني بعد ذلك أحد الجنود إلى غرفة صغيرة ..
أقعدني بكل قلة أدب , في مواجهة شخص آخر.. يتحدث بلكنة عربية مكسرة.. أمر هذا الشخص الجندي برفع العصابة عن عيني .. امتثل الجندي لأمره علمت بعدها .. أنه المحقق.. حاولت النظر إليه ...!!!
شعرت بدوار كبير أفقدني الوعي ..!!
سقطت مغشيا على الأرض .. !
ارتطمت رأسي بزاوية الكرسي التي شجت رأسي ...
فسالت على الفور الدماء غزيرة ...نظر المحقق إلي ...ثم أمر الجندي بحملي ليقعدني ثانية على الكرسي ..
حاول المحقق مسح الدماء النازفة ولكنه وجد
أن جرحي عميق فاضطره ذلك إلى استدعاء طبيب ..!!
حاول الطبيب مداواتي ...حدثهم بلكنتهم أن جرحي يحتاج إلى عملية مستعجلة
قام الطبيب على الفور بإجراء عملية لإعادة التئام الجرح في المكان ...

بعد أن أكمل الطبيب الجراحة المستعجلة .. أقعدني على الكرسي مقابل المحقق ثم تركني وانصرف.. أشار المحقق للجندي بالانصراف.. الذي انصرف هو الآخر وهو يرمقني بنظرة تشع حقدا وكراهية .. !!!!!!!
انصرف الجميع وبقيت أنا والألم ,والمحقق يصارع بعضنا بعضا ..
ساد صمت طويل في المكان .... حتى شعرت بغفوة قصيرة ...قطعها المحقق بنحنحة أتبعها قائلا : : أنت محمود ... .. عمرك 25 عاما تقيم في مدينة ... تعمل في ....
أنت رجل مرموق ومعروف .... تتمتع بشعبية عالية ..!! علاقاتك متشعبة ..
نحن نعلم عنك كل شيء .. استمر مستطردا: أنت تعمل لدى حركة ... أنت مسافر إلى .... في مهمة خاصة ..لإجراء تدريبات ميدانية على كيفية استخدام الأسلحة الثقيلة والتدرب على تحضير العبوات والتخطيط للقيام بعمليات عسكرية ...
أنت مسافر مع مجموعة كانت موجودة معك على متن السفينة.
=========
شعرت بنوع من الدهشة , والاستغراب .. عن كل المعلومات التي سردها المحقق..
بدأت الشكوك والظنون تعمل في عقلي , فالمحقق أشار إلى كثير من التفصيلات الدقيقة التي لا يعلمها إلا المقربون .. !!
أدركت عندها أن الأمر لم يكن اشتباه وعرفت أن هناك ألف علامة استفهام .. استجمعت أفكاري حاولت التركيز في كل التفصيلات التي سردها المحقق
قررت أن أظل على مواقفي .. مصرا على نفي ودحض التهم وتبرير ذلك .. وتوسلت إلى الله العلي القدير أن يعينني على ذلك..
بعد أن أنهى المحقق سرد معلوماته عني وعن المجموعة
طلب مني الرد
أخبرته بأن المعلومات التي سردها عن اسمي ومكان سكني وعملي صحيحة
أما كل ما يتعلق بالتهم الموجهة فهي ادعاءات باطلة
حاولت دحضها معللا ذلك بأني أعيش مع والدتي وزوجتي وأخي في بيت متواضع يقبع في أحد المخيمات وأعمل موظفا في دائرة حكومية وكان سفري رغبة في إكمال دراستي في إحدى جامعات قبرص بغرض الحصول على درجة الماجستير في الإدارة ...
نظر إلي باستغراب ...!! ثم هز رأسه ..!! وقال :
من يسافر إلى الخارج .. هل يجوز أن يسافر فجأة ...
نظرت إليه ... زادت شكوكي أكثر فالأمر لم تعلمه حتى والدتي فكيف حصلوا على مثل هذه المعلومات ...
أخبرتهم بأنني حصلت على إجازة لبضعة أسابيع لحين عمل إجراءات القبول في الجامعة ..
اقترب مني وبدأ يدور حولي يضع مرة يديه على كتفي , يبتسم مرة أخرى...!...
ثم سحب كرسيه.. اقترب مني .. أكثر حتى شممت رائحة كحول اختلطت برائحة التبغ ... تفوح من فهمه!! فكرهت خليط الرائحة المنتنة ..
ظهرت على وجهي علامة اشمئزاز .. عندها أدرك الأمر وأخرج سيجارة جديدة .. أشعلها ..ثم بدأ ينفث دخان السيجارة في وجهي , ويضحك..
أردف بعد ذلك قائلا : أعلم أنك لا تريد الاعتراف ..
خبيبي لدينا من الأساليب ما يجعلك تعترف بكل تفاصيل الموضوع ..
خبيبي نحن على استعداد أن نعيدك فورا .... إلى أمك المسكينة وزوجتك .. وجميع أفراد عائلتك ...
ونحن قادرين على حمايتك وتقديم كل العون والمساعدة ..
وستظل بعيدا عن الشبهات .. أعدك بأن لا يعلم أحد بالأمر ..


نظرت إليه باستغراب وضحكت بسخرية .. ماذا تقول.. .. اعتراف !! بماذا ؟ أنا لم أفعل شيئا ..يستحق هذا الاختطاف وهذا الحجز والتحقيق ...
وتريد حمايتي .. لا أريد حماية من أحد .. افعل ما تريد... أقوالي هي نفسها ولن تتغير..
قال : ستندم وعندها لن نتركك حتى بعد الاعتراف ...

أعاد النظر إلى قسمات وجهي يتأملها بكل غيظ ... بدأت ملامح الغضب ترتسم على وجهه ,ولكنه ظل يخفي غضبه بابتسامة باهتة مصطنعة , ظل يرسمها على محياه
كرر عباراته السابقة ولكنها هذه المرة جاءت بلهجة قوية.. ثم أردف قائلا .. ما سر اختيارهم لك ... أدركت الأمر فقلت له على الفور :من هم !!؟؟
أجابني : أ لم تعرف من هم ..؟؟ كفاك خداعا ومكرا ؟!! قيادتك ..هم من أوقعوك وزجوا بك لتكون أنت الضحية .....
ليس لي قيادة فقيادتي هي دراستي فقط ..
ليست لي علاقة بأحد ...

طبعا .. ستقول ذلك . الجميع في البداية يقولون ذلك
ثم يقرون بعد ذلك بالتفاصيل المملة
أنا أعلم أنك تتمتع بذكاء خارق كما يبدو من نظراتك ومن عينيك .. وطريقتك في الرد على الأسئلة ..
ولكن ذكاءك هذا لن ينفعك
نظرت إليه باستغراب .. أدركت الأمر .. ثم رمقته بنظرة حقد , وأتبعتها بقولي : أنا مسافر لإكمال دراستي والحصول على شهادة الماجستير ..
أما ما تدعيه فأنا لا أعلم عنه شيئا.. هذه كلها أكاذيب وأباطيل
أعدت له كلماتي من البداية :
أنا أبحث عن جامعة لأتمكن من الالتحاق بها حتى أستطيع أن أكمل دراستي فقط وأكررها فقط...
ليست لي أية علاقة بكل ما تنسبه لي ..أنا أريد أن أحصل على شهادة الماجستير ثم بعدها الدكتوراه
أية شهادة ... التي تتحدث عنها نحن لسنا أغبياء .. نحن نتابع خطواتك من فترة طويلة ونعلم علم اليقين أنك كاذب ومخادع ...
إن كنت تريد الشهادة فنحن على استعداد لمنحك كل الشهادات .. ولكن ...!!
ماذاتقول..؟!!
أنا لم أطلب منكم منحي شهادة .. أنا أعرف طريقي جيدا ..
أقوالي هي ثابتة لن تتغير ..ما أقوله هو الصحيح

احتد أسلوبه معي بدأ يركل الكرسي بقدميه .. ارتفع صوته صاح ينادي أحد الحراس .. جاء الحارس مسرعا ..
جهز لنا فنجانين من القهوة ... الجلسة يبدو أنها ستطول .!!!
لم أرد .. بقيت أنتظر الخطوة القادمة ...
يحاول أن يهدأ نفسه ويتظاهر بأن الأمر طبيعي.. أشعل سيجارة جديدة ..
سألني هل تريد سيجارة ... أجبته : أنا لا أدخن ؟ أنا أكره رائحة التبغ ..؟
على الفور أطفأ سيجارته وقال أنا أحترم صراحتك ..؟
أومأت برأسي وقلت في نفسي هذه خطوة منه يريد مني في المقابل مواقف أكثر ليونة..!!
سأبقى ثابتا على أقوالي لن، أبدلها مهما كان الأمر..
حدق النظر من جديد ثم قطع صمت المكان وقال : حسنا أنت تنكر كل ما نسب إليك ... ولكن ماذا ستقول عندما نواجهك بأعضاء مجموعتك ؟ فقد اعترفوا جميعهم بأنك أنت .. الرأس المدبر .. رأس ماذا ..؟!! كفاكم ....؟!!


يتبع .....

 

=============================

ليست هناك تعليقات:

=====================================================================================================

=============================================================================================================================================



جميع الجقوق محفوظة ل مدونة أ.عدنان أبو شومر :